كيف تستعد لعملية زراعة الكبد؟ نصائح عملية للمرضى

عملية زراعة الكبد تعد من أكثر العمليات الجراحية تعقيدا ودقة، لكنها في الوقت نفسه من أكثرها نجاحا عندما يحضر المريض لها بشكل جيد.
التحضير لا يعني فقط تجهيز المستندات أو اختيار المركز المناسب، بل يشمل تهيئة الجسم والذهن والعادات الصحية ليكون المريض في أفضل حالاته قبل الجراحة.

في هذه المدونة، نعرض أهم الخطوات الطبية والعملية التي يجب على المريض اتباعها قبل إجراء عملية زراعة الكبد لضمان نجاح العملية وسرعة التعافي والتقليل من خطر حدوث مضاعفات بعدها.

مرحلة التقييم الطبي الشامل قبل زراعة الكبد

قبل إدراج اسم المريض على قائمة الزراعة، يخضع لسلسلة طويلة من الفحوصات تهدف لتقييم كل عضو في الجسم. الهدف هو التأكد من أن الجراحة آمنة وأن الجسم قادر على استقبال الكبد الجديد.

• تحاليل الدم الأساسية:
  • وظائف الكبد (ALT, AST, ALP, bilirubin).
  • فحوص التخثر (INR, PT, aPTT).
  • فحص بروتين الألبومين لتقييم قدرة الكبد على تصنيع البروتينات.
  • فحص الأملاح والمعادن ووظائف الكلى (urea, creatinine).
• فحوص العدوى:
  لأن أي عدوى نشطة قد تشكل خطرًا بعد الزراعة بسبب أدوية تثبيط المناعة.
  • التهاب الكبد B وC.
  • فيروس نقص المناعة (HIV).
  • السل (TB test).
  • الزهري، وفيروس CMV (cytomegalovirus).
• فحص القلب والرئتين:
  • تخطيط كهربائي للقلب (ECG).
  • إيكو (Echocardiography).
  • اختبار الجهد أو قسطرة قلبية في بعض الحالات.
  • فحص وظائف التنفس وصورة أشعة للصدر للتأكد من سلامة الرئتين.
• التقييم البطني والتصوير:
  • تصوير مقطعي (CT scan) أو بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد حجم الكبد والموقع الدقيق للأوعية الدموية.
  • تقييم حجم الطحال ووجود الاستسقاء أو أورام كبدية.
• تقييم الأسنان:
  وجود التهاب أو خراج في الفم قد يسبب مضاعفات خطيرة بعد الزراعة بسبب ضعف المناعة. لذلك يجب معالجة أي مشكلة فموية مسبقا.

السيطرة على الأمراض الأخرى المرافقة

المرضى المرشحون للزراعة غالبا ما يعانون من أمراض مزمنة أخرى، ويجب السيطرة عليها بدقة قبل إجراء عملية زراعة الكبد:

• السكري:
  ضبط السكر التراكمي (HbA1c) دون 7% لتقليل خطر التهابات ما بعد العملية.
  الطبيب قد يعدل جرعات الإنسولين أو الأدوية الفموية قبل الجراحة.
• ارتفاع الضغط:
  يجب أن يكون الضغط مستقرا بأقل عدد ممكن من الأدوية.
• القصور الكلوي:
  في حال وجود قصور جزئي، يتم التنسيق مع طبيب الكلى لاختيار الأدوية الآمنة وتحضير المريض لاحتمال الحاجة إلى غسيل مؤقت بعد العملية.
• العدوى المزمنة:
  أي التهاب في الرئة أو الجهاز البولي يجب علاجه تمامًا قبل تحديد موعد الجراحة.

اللقاحات والتحصين المناعي — خطوة أساسية قبل زراعة الكبد

من أهم التحضيرات الطبية قبل زراعة الكبد هي تجهيز مناعة الطفل أو المريض ضد العدوى. فبعد العملية، تستخدم أدوية مثبطة للمناعة مثل Tacrolimus وMycophenolate وSteroids، وهذه الأدوية تمنع جهاز المناعة من مهاجمة الكبد المزروع لكنها في الوقت نفسه تضعف قدرته على مقاومة البكتيريا والفيروسات.

لذلك، التحصين المسبق هو درع وقائي حيوي يخفف خطر الإصابة بعدوى خطيرة في الأشهر الأولى بعد الزراعة، عندما يكون الجسم في أضعف حالاته مناعيا.

لقاح التهاب الكبد A وB:

• السبب الطبي:
  لأن العدوى بفيروسات الكبد (A وB) يمكن أن تكون قاتلة لدى مريض زراعة الكبد، خصوصا أن الكبد المزروع هو العضو الأكثر حساسية تجاه أي التهاب فيروسي.
• الهدف:
  منع إصابة الكبد المزروع بعدوى جديدة قد تؤدي إلى التهاب حاد أو فشل في العضو المزروع.
• التوقيت:
  يجب إعطاؤهما قبل العملية بـ 4–6 أسابيع على الأقل لإتاحة الوقت لتكون الأجسام المضادة.
• ملحوظة مهمة:
  إذا لم يكن المريض قد استجاب سابقا للقاح التهاب الكبد B، قد يحتاج الطبيب إلى جرعة مضاعفة أو لقاح بتركيز عال (High-dose HBV vaccine).

لقاح المكورات الرئوية (Pneumococcal):

• السبب الطبي:
  بكتيريا Streptococcus pneumoniae من أكثر أسباب العدوى الرئوية والدموية بعد الزراعة، وقد تسبب التهاب رئة أو تسمم دم خطير في المرضى المثبطين مناعيا.
• الهدف:
  الوقاية من الالتهاب الرئوي، التهاب السحايا، وتجرثم الدم — وهي مضاعفات تهدد الحياة بعد الزرع.

لقاح الإنفلونزا الموسمية:

• السبب الطبي:
  لأن عدوى الإنفلونزا البسيطة في الشخص الطبيعي قد تتحول إلى التهاب رئوي حاد أو فشل تنفسي لدى مريض زراعة كبد مثبط مناعيا.
• الهدف:
  تقليل خطر العدوى الموسمية وحماية المريض من مضاعفات خطيرة أثناء فترة النقاهة أو العلاجات المثبطة للمناعة.
• التوصية:
  يعطى اللقاح سنويا، ويفضل أن يكون اللقاح المعطل (Inactivated Vaccine) وليس الحي، نظرا لأن اللقاحات الحية ممنوعة بعد الزراعة.

لقاح كورونا (Covid-19):

• السبب الطبي:
  مرضى الزراعة أكثر عرضة لمضاعفات كورونا (التهاب رئوي شديد أو فشل أعضاء)، خصوصا في الأشهر الأولى بعد الزرع.
• التوصية:
  إعطاء اللقاحات غير الحية (mRNA vaccines مثل Pfizer أو Moderna) قبل العملية بمدة كافية، ثم استكمال الجرعات المعززة بعد الزراعة وفقا لمستوى المناعة وفحوص الأجسام المضادة.
• التوقيت المثالي:
  على الأقل 4 أسابيع قبل العملية لضمان استجابة مناعية فعالة.

لقاح الجدري المائي (Varicella — Chickenpox):

• السبب الطبي:
  العدوى بفيروس الجدري المائي بعد الزرع يمكن أن تكون مهددة للحياة بسبب الانتشار الجهازي للفيروس.
• ملاحظة مهمة:
  هذا اللقاح من النوع الحي المضعف، لذا لا يعطى بعد الزراعة أبدا.
  إذا كان المريض غير محصن، يجب إعطاؤه قبل العملية بـ 6 أسابيع على الأقل ليكون هناك وقت كاف لاكتساب المناعة قبل بدء مثبطات المناعة.

نقاط طبية إضافية مهمة:

• بعد الزراعة، تمنع اللقاحات الحية كليا (مثل لقاح الحصبة أو الجدري أو الحمى الصفراء) لأن جهاز المناعة يكون ضعيفا.
• أما اللقاحات غير الحية (Inactivated vaccines) مثل الإنفلونزا، الدفتيريا، الكزاز، والمكورات الرئوية، فيمكن إعطاؤها بعد الزراعة عادة بعد 3–6 أشهر، عندما يستقر الجهاز المناعي نسبيا.
• في حالة الأطفال، يراجع جدول التطعيمات الوطني بالكامل، ويتم تحديثه أو إعادة جدولة الجرعات حسب عمر الطفل وتاريخ التطعيم السابق.

التحضير الغذائي والتمثيل الغذائي

مرضى الكبد المزمن يعانون عادة من سوء تغذية خفي حتى لو بدوا بوزن طبيعي، بسبب ضعف امتصاص العناصر الغذائية واضطراب استقلاب البروتينات والدهون. لذلك، التحضير الغذائي قبل زراعة الكبد هو خطوة حاسمة في نجاح العملية وسرعة التعافي بعدها.

أهداف التغذية الجيدة قبل زراعة الكبد:

• تقوية الجسم لمواجهة الجراحة الكبرى.
• دعم التئام الجروح بعد العملية.
• تعزيز المناعة لتقليل خطر العدوى.
• تحسين وظيفة العضلات وتقليل الهزال العضلي.

التوصيات الغذائية التفصيلية:

• وجبات صغيرة متكررة (5–6 مرات يوميا):
  لأن الكبد المريض لا يستطيع تخزين الغلوكوز بكفاءة، مما يجعل المريض عرضة لهبوط سكر الدم، خصوصا أثناء الصيام.
  لذا يُفضل تناول وجبة خفيفة قبل النوم تحتوي على كربوهيدرات بطيئة الامتصاص (مثل الشوفان أو البطاطا المسلوقة).
• البروتينات عالية الجودة:
  ضرورية للحفاظ على كتلة العضلات وتجديد الخلايا.
  أفضل المصادر:
  • البيض (خصوصا البياض).
  • اللحوم البيضاء مثل الدجاج والسمك.
  • البقوليات المطبوخة جيدا (عدس، حمص، فول).
  • في بعض الحالات، قد يوصى ببروتين نباتي أكثر لتقليل تراكم الأمونيا.
• تقييد الملح:
  في حالات الاستسقاء أو تورم القدمين، يجب تقليل الصوديوم إلى أقل من 2 غرام يوميا لتجنب احتباس السوائل.
  يمكن استبدال الملح بالأعشاب الطبيعية كالزعتر والليمون لتعزيز النكهة.
• تجنب الدهون المشبعة والمقلية:
  لأن الكبد يعاني من ضعف في استقلاب الدهون، ما يزيد من خطر تراكمها وتدهور الحالة.
  استخدم الزيوت النباتية الصحية مثل زيت الزيتون بكميات محدودة.
• الفواكه والخضروات الطازجة:
  تمد الجسم بمضادات الأكسدة (مثل فيتامين C وE والكاروتينات) التي تحمي خلايا الكبد من الضرر التأكسدي.
  أمثلة مفيدة: الجزر، السبانخ، التوت، التفاح، الكيوي.
• السوائل الكافية:
  شرب الماء ضروري لتجنب الجفاف وتنشيط الدورة الدموية، إلا في حالات وجود استسقاء شديد، حينها يتم ضبط الكمية حسب الطبيب.
• المكملات الغذائية:
  في بعض الحالات، يصف الطبيب مكملات مثل:
  • BCAA (الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة): لتحسين توازن البروتين وتقليل الاعتلال الدماغي الكبدي.
  • ألبومين أو مكملات البروتين الطبي: لتعويض النقص الغذائي.
  • الفيتامينات الذائبة في الماء (B وC) لأن الكبد لا يخزنها جيدا.

المريض الذي يدخل العملية وهو في حالة تغذية جيدة يتعافى أسرع، وتقل لديه احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة مثل العدوى أو فشل الجرح في الالتئام.

ضبط الأدوية والاستعداد الدوائي

قبل زراعة الكبد، يخضع المريض لمراجعة دقيقة لجميع الأدوية والمكملات التي يتناولها. فبعض الأدوية قد تؤثر على تخثر الدم أو تتداخل مع أدوية التخدير مما يزيد خطر النزيف أو المضاعفات الجراحية.

التوصيات الأساسية قبل زراعة الكبد:

• التوقف عن الأدوية المميعة للدم مثل:
  • الأسبرين (Aspirin)
  • الكلوبيدوغريل (Plavix)
  • الوارفارين (Warfarin)
  • وبعض أدوية الأعشاب التي تضعف التخثر (كالزنجبيل والجنكو).
    يتم ذلك عادة قبل 5–7 أيام من الجراحة حسب توجيه الطبيب.
• تجنب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs):
  مثل الإيبوبروفين (Brufen) والديكلوفيناك (Voltaren) لأنها قد تؤذي الكبد وتزيد خطر النزيف.
• التوقف عن المكملات والأعشاب:
  الأعشاب مثل الجنسنغ، الكركم المركز، الجنكة بيلوبا، أو حليب الشوك (milk thistle) قد تتفاعل مع أدوية التخدير أو مثبطات المناعة لاحقا.
  لذلك ينصح بإيقافها قبل أسبوعين على الأقل من الجراحة.
• الاستمرار بالأدوية الضرورية:
  مثل أدوية ضغط الدم، أو الغدة الدرقية، أو السكري، ولكن بجرعات يحددها الفريق الطبي في يوم العملية.
• التطعيمات والأدوية المضادة:
  في بعض الحالات، يعطى المريض أدوية وقائية ضد العدوى (مثل مضادات الفيروسات أو البكتيريا) قبل الجراحة بيوم أو يومين.

تحسين اللياقة الجسدية والتنفسية

حتى لو كان المريض يشعر بالضعف، التحضير البدني قبل زراعة الكبد يعزز فرص النجاح بعد العملية، إذ أن الجسم القوي يتعافى بشكل أسرع من الجراحة الكبرى والتخدير العام.

اللياقة الجسدية:

• المشي الخفيف يوميا:
  20–30 دقيقة حسب قدرة المريض، لتحسين الدورة الدموية وتقوية العضلات.
• تمارين الإطالة البسيطة:
  لتجنب تيبس المفاصل وتحسين الحركة بعد الجراحة.
• تجنب الإرهاق الزائد:
  الهدف هو الحفاظ على النشاط دون إجهاد الكبد.

التهيئة التنفسية:

• تمارين التنفس العميق والنفخ عبر الشفاه:
  تساعد في الحفاظ على مرونة الرئتين ومنع تجمع السوائل بعد العملية.
  مثال: شهيق عميق عبر الأنف، ثم زفير ببطء من الفم وكأنك تطفئ شمعة.
• استخدام جهاز التحفيز التنفسي (Incentive Spirometer):
  يعطى في بعض المراكز لتدريب المريض على تنفس عميق ومنتظم قبل العملية.

التحضير النفسي والجسدي المشترك:

بعض المستشفيات تدخل المريض في برنامج يسمى Prehabilitation Program، وهو يشمل:

• متابعة تغذية دقيقة.
• تمارين لياقة خفيفة بإشراف مختص.
• جلسات دعم نفسي لتقليل القلق وتعزيز الاستعداد الذهني.

التحضير النفسي والعقلي قبل زراعة الكبد

التحضير النفسي لا يقل أهمية عن التحضير الطبي. الخوف والقلق الزائد قد يؤثران على ضغط الدم ونبض القلب وحتى على المناعة.

ما ينصح به:

• التحدث مع الممرضة أو الطبيب النفسي في مركز الزراعة.
• حضور جلسة تثقيفية قبل العملية لشرح كل مراحل الزراعة خطوة بخطوة.
• مقابلة مرضى سابقين خضعوا للزراعة بنجاح، فهذا يعطي ثقة كبيرة.
• أخذ قسط كاف من النوم قبل يوم العملية وتجنب المنبهات.

خاتمة

الاستعداد لعملية زراعة الكبد لا يقتصر على يوم الجراحة فحسب، بل هو رحلة تبدأ قبلها بأسابيع من التحضير الجسدي والنفسي والطبي. كل فحص، وكل خطوة في التغذية أو ضبط الأدوية، تمثل لبنة أساسية في طريق التعافي والنجاح.
عندما يلتزم المريض بالتعليمات الطبية، ويتعاون بشكل مستمر مع فريق الزراعة، تكون العملية أكثر أمانا وفرص النجاح أعلى بكثير.

إذا كنت أو أحد أحبائك تستعدون لزراعة كبد، فلا تترددوا في طلب المساعدة من الخبراء. فريق شفق ميديكال يرافقكم في كل مرحلة — من التقييم الأولي إلى التعافي التام — بالتعاون مع أفضل مراكز زراعة الكبد في تركيا، حيث تلتقي الخبرة الطبية بالتقنيات الحديثة والرعاية الإنسانية.

 تواصل معنا 📞 اليوم للحصول على استشارة وتقييم طبي مجاني بالاضافة الى إرشادات طبية شخصية قبل الزراعة. صحتك هي أولويتنا – دعنا نساعدك على اتخاذ الخطوة التالية نحو مستقبل أكثر صحة.